العجز المكتسب

العجز المكتسب

بقلم : د. هجران قزانجي

عضو الهيئة التنفيذية للجبهة التركمانية العراقية 

 

منذ نيل العراق لإستقلاله وحتى تاريخ سقوط نظام صدام البائد تولدّ تصورٌ لدى كافة الحكومات التي تعاقبت على حكم العراق أن تركيا تُولي أهميةٌ بالغة فيما يخصُ مصير ومستقبل التركمان في العراق حتى لو إستوجب الأمر منها التدخل الفعلي في هذا الشأن وهذا الأمر هو ما حفزهّم لممارسة سياسة الضغط والإحتواء لتركمان العراق لتلافي هذا الأمر

وبعد زوال نظام صدام إستمرّ هذا النهج ضد تركمان العراق وبنفس الحجج السالفة الذكر حيث ظلّ تركمان العراق يعانون من ممارسة سياسة الضغط والترويع تجاههم بطرق وأساليب مختلفة ومن جانب جهات فاعلة أخرى، وأدى هذا الوضع الى بروز ظاهرة اليأس والإحباط في أوساط تركمان العراق الذين واجهوا وبشكل مستمر مشاكل  ونكسات لاقِبلَ لهم بمواجهتها ودفعتهم دفعاً لفقدان الأمل والتراخي في هذا الجانب، وبعبارة أخرى فضل التركمان العراقيون إعتماد مايطلق عليه علمياً تسمية ( العجز المكتسب أو رد الفعل الشَرطي)

وعوضاً على أن يبادر القادة السياسيون التركمان الى تطوير إستراتيجياتهم لمواجهة هذه السياسة المُمنهجة والمُخطط لها، فإنهم وعلى العكس من ذلك بادروا الى التناطح فيما بينهم وهو ماأدى في النهاية الى التسبب في قطع الغصن الذي كانوا يستندون عليه، والتاريخ سيذكر أن القادة السياسيون التركمان هُم من تسببوا بجعل المجتمع التركماني في العراق مجتمعاً عاجزاً ( عجزاً مُكتسباً ) ومؤمناً بعامل ( رد الفعل الشَرطي) وهو ماأدى في النهاية الى أن يتحول تركمان العراق الى مجتمع سلبي مُطيع سَهلُ الإنقياد

الأفراد والمُجتمعات التي يتمُ إتباعِ سياسة التخويف والترهيب والخداع تجاههم وتكون هذه العوامل هي ركائز السياسة التي يتم بواسطتها إدارتهُم تفقد في النهاية خاصية التمييز بين الخطأ والصواب لأنها تكون منقادة بالدرجة الأساس لمخاوفها الذاتية التي تمَ غرسُها فيها، والمجتمعات التي فقدت خاصية التقييم المنطقي للأمور وتم دفعها الى إنتهاج مفهوم الفوضى يتحول أفرادها في نهاية الأمر وبسبب التغير المستمر للخصوم والأهداف وبسبب حقن ذاكرتهِم بالشعارات المتوالية التي تتغير في أوقاتٍ متفاوتة وحسبَ الظروف الى أفراد سِلبيين وغيرُ مُبالين فاقدينَ للقُدرة على  إظهار ردود الفِعل، والمُجتمعات التي يتكونُ قَوامُها من هؤلاء الأفراد ووسط الفوضى الحاصلة داخلها تكون فاقدة لقُدرة التمييز بين الخطأ والصواب، وتكون مفتقدة لقدرة فحص العلاقة بين السبب والنتيجة الحاصلة.

مازاد الوضع سوءاً فيما يخص تركمان العراق أنه وبعد إعدام القادة السياسيين التركمان الأربعة في العام 1980 لم يظهر زعيم سياسي تركماني كان يمتلك القدرة على صياغة إستراتيجية مناهضة لسياسة الترويع التي تم إتباعها تجاه تركمان العراق ووضعها موضع التنفيذ الفعلي

ولتلافي هذا الأمر تم في العام 1995 وضع خطة طموحة لتدريب نُخبة سياسية تركمانية لتتولى مهمة قيادة المجتمع التركماني وروُعيَ في تدريبها أن تكونَ بعيدة عن الإطار الإيديولوجي الجامد، واليوم من الضروري فسح المجال أمام هذه النخبة لممارسة دورها القيادي في قيادة العملية السياسية التركمانية، من جانب أخر من الإستحالة إيجاد حل دائمي لمسألة كركوك بشكل خاص والمسألة العراقية بإطارها العام من دون أن تكون لتركيا دور فاعل في هذا المجال، وفيما يخص الجانب التركماني العراقي من الضروري بمكان إنتهاج سياسة تضع في نظر الإعتبار هذين العاملين ويكون عَمادُها إنتهاج سياسة يكونُ مِحورُها العراق وتكون في نفس الوقت بعيدة عن الطابع   الإستسلامي وهذا الأمر لامفرَ منهُ في كُلِ حَال