عشيرة النفطﭼﻲ، رمز وعنوان الأصالة التركمانية

عشيرة النفطﭼﻲ، رمز وعنوان الأصالة التركمانية

 چالا النفطجي

أثار إستغرابنا مقطع فيديو تم تداوله في صفحة على موقع التواصل الاجتماعي (Facebook) باسم منصة كركوك الإخبارية ، ويظهر خلال مقطع الفيديو شخصان يتجولان داخل سراي آل النفطﭼﻲ الكائن في قلب مدينة كركوك حيث يُعَدُ أحد المعالم التاريخية الشاهدة على عراقة هذه العشيرة التركمانية الأصيلة والكريمة والشيء اللافت أنهُم أولاً تجاوزوا العُرفَ والأصول المُتعارف عليهم مُجتمعياً حيثُ لم يستأذنوا مُلاكَ هذا السراي التاريخي من أبناء العشيرة بدخولها والتصوير داخلِها، وخلال تجوالهم داخل السراي التاريخي لعشيرة النفطﭼﻲ قاما بسردِ جُملةٍ ج من المغالطات التاريخية حول نسب وإنتماء هذه العشيرة التركمانية العريقة حيث أدعوا أنها فُخذ من عشيرة زﻧﮔﻧﺔ الكردية لغايةٍ ما في أنفُسهِم وهذا خلاف الحقائق التاريخية المعروفة.

وإننا مع جُلِ إحترامنا لكافة مُكوناتِ وفئاتِ شعبنا العراقي الكريم وقبائلهِ وعشائرهِ الكِرام نودُ أن نوضِحَ الحقائق التاريخية وكما وردت في المراجع التاريخية المُعتمدة، وحَسبَ المؤرخ العراقي المعروف عباس العزاوي في كتابه المعنون ( العشائر العراقية ) فإن عشيرة النفطﭼﻲ هُم فُخذ من أفخاذ قبيلة ( قره أولوس ) التركمانية التي إستوطنت العراق منذ مايقرب من ( 600 ) ستمائة عام ومنذ ذلك التاريخ كان لهُم وجود مُكثف في مدينة كركوك التركمانية حيث المركز الرئيسي للعشيرة يشاطرهم في الكثافة تجمع آخر للعشيرة سكنت ناحية (دﮔﯦرمنجيك) العياضية حاليا ً التابعة لقضاء تلعفر التركمانية. علما ً أن الجد الأكبر للعشيرة (قهرمان آغا) دخل العراق قبل تحريره من قبل السلطان العثماني مراد الرابع (1638) لأكثر من قرن، وسكنت العشيرة منطقة (ﺑﮔﻠر) أحدى أعرق محلات كركوك في الطرف الغربي منها قاطبةً ، وقد سميت المنطقة بهذه التسمية نسبةً لهذه العشيرة حيثُ تلقبَ أسلافهُم بلقب (اﻠﺑﮔﻭات) منذ أن وطئت أقدامهم أرض كركوك لقرون عديدة خلت.

فيما يورد المؤرخ العراقي المعروف العامري بعضاً مِن سجاياهُم وصفاتهُم الكريمة في كتابه المعنون عشائر العراق ذاكراً مايلي : (أليهم المجد صاير و المثل بهم ساير, أنهم فاكهة التركمان و خميرة المجد و اكرم الناس خالا ً و جد, أيمنهم في الهبات و ركوب الكرمات أكرم الطباع. هم المعروفون على مر التاريخ من قبل الأعداء قبل الأصدقاء ذي وفاء في العهود و الأنجاز للوعود و الصبر و التأني للأهوال و الكرم الباهر و الود الوافر, فخر المفاخر أقرب للجميل من عين الى الجفن و ابعد عن اللوم من تلعفر الى قزانية تحل لهم المكرمات و هم أهلها, يفعلون الطيبات و المحامد فيهم شايعة و مواهبهم ذايعة, أنطق لسانا” في أجتماع المضايف و اصدق أقوالا ً ما قاموا يوما ً ما فخافوا. أنهم و الله من دون مجاملة و تملق سيد التركمان و رئيسه و نفيسه و الفايز بالقدح المعلى على رموز زمانه, أحمد الناس سيرة و انورهم بصيرة و أطولهم الى العلياء باعا ً و لله الحمد).

وقد نالت عشيرة النفطﭼﻲ وبإستحقاقٍ أمتياز إستخراجالنفط وتكريره من حقول مدينة كركوك مُعزز بفرمانٍ (مرسوم) سلطاني بأسم السلطان مراد الرابع تحت الرقم (38) لعام 1639 م و ملحقه التأكيدي على أحقية التصرف لعام 1782 م الممنوح من قبل السلطان عبد الحميد الأول علما ً أن السلطان مراد الرابع هو الذي منح العائلة بموجب فرمان لقب ( نفطﭼﻲ زادة).

وأدناه النص الكامل لفرمان عام 1782 م و المصدق من قبل السلطان عبد الحميد الأول:-

————————

أن وجهاء عائلة نفطﭼﻲ زادة بكركوك و هم أسماعيل آغا و محمد آغا و أبراهيم آغا رفعوا شكوى في سنة 1196 هـ / 1782 م الى السلطان العثماني عبد الحميد الأول حول التجاوزات على منطقة أمتيازهم في النفط (بابا �ﮔور�ﮔور) الممنوحة لهمسابقاً بتاريخ 1049 هـ / 1639 م من قبل الدولة. جوابا” علىذلك يخاطب السلطان عبد الحميد و يأمر قاضي و متسلم كركوك و تاكيداً على الفرمان الأول الصادر من ديوان الهمايوني السلطاني (مركز الدولة) سنة 1649 هـ بأن الأراضي و نفط بابا �ﮔﻭرﮔﻭر قد أنعِمَ الى آل نفطﭼﻲ زاده رسملهذا الأمتياز حدود منطقة النفط الممنوحة لهم شرقاً �اي أدهممن أسماء خاصة �ئاي و من جهة القبلة بهلول ﭼقلغي مروراًبمراعي قزليار و من شمال وادي المراعي من جبل صابئةبمحاذاة الموصل شمالاً ، ولا يجوز قطعياً أي تدخُلٍ من قِبلالغير في شؤون هذه المنطقة و يكون كامل التصرف بيد آل(نفطﭼﻲ زادة ) و السير و العمل بموجب فرماننا هذا المؤرخ 1196 هـ / 1762 م
التوقيع
السلطان العثماني عبد الحميد الأول
———————————-
بقى أمتياز و أعمال التنقيب و الأستخراج في الحقول بابا �ور�ور تحت تصرف هذه العائلة التركمانية لأكثر من (370) عام. حيث كانوا يقومون بأعمال أستخراج النفط و تكريره و تصفيته بطرق بدائية و بسيطة و تعرض للبيع في الأسواق المحلية لتستمر الحالة هذه الى أعوام سبقت الحرب العالمية الأولى و بعدها مع دخول الأنكليز العراق و حصولهم على أمتياز أستخراج نفط كركوك في 13 آذار 1925 م تحت تسمية الشركة التركية، عام 1929 تبدلت التسمية الى شركة نفط العراق (I P C) موزعة خيراتها على الشركات الأجنبية و من ضمنهم (كولبنكيان) الأرمني تركي الجنسية لتعاونه معهم بخصوص نفط كركوك التابعة أصلا ً الى عائلة ( نفطﭼﻲ زاده ) التركمانية منذ عام 1639 م . حيث لم تحصل العائلة الكريمةعلى أية نسبة تذكر منه.
وفيما يخص التاريخ النضالي المُشرِف لهذه العشيرة التركمانية الأصيلة فالجميع على علمٍ تام بدورهِم المحوري في تاريخ النضال التركماني ودفاعهِم المُستميت عن حقوق تركمان العراق منذ بدايات الاحتلال البريطاني للعراق وحجم التضحيات الكبيرة التي قدموها وخاصة وأن كِبار رجالات هذه العشيرة قد كانوا أول ضحايا مجزرة الرابع عشر من تموز من العام التي 1959 التي إرتكبها الشيوعيون في كركوك ضد أبناء المكون التركماني خلال العهد القاسمي وكام جَلهُم ينتمون الى قوميةٍ غير تركمانية وهذه حقيقة معروفة تاريخياً.
ومِن شخصياتِ هذهِ العشيرة التركمانية الأصيلة على مر التاريخ والتي تركت بصماتها الواضحة في تاريخ العراق عموماً وتاريخ مدينة كركوك بشكلٍ خاص نذكرُ مِنهُم.
1. أحمد بك نفطﭼﻲ زاده ، معاون والي كركوك عام (1830 م ) وأليه يعود الفضل الأول في بناء جامع و مدرسة مسلم نفطﭼﻲزاده عام 1840 م .
2. الوجه الأجتماعي المعروف في كركوك و العراق صالحنفطﭼﻲ زاده ، عضو المبعوثان العثماني عن ولاية الموصل عام1913 م ، و النائب في المجلس التأسيسي العراقي عام 1925 م، ممثلا عن لواء كركوك وعمل أيضا متصرفاً في الحلة و السليمانية.
3. ناظم بك نفطﭼﻲ زاده ، الوجه الأجتماعي المعروف و عضولجنة تقصي الحقائق الدولية في قضية الموصل حسب قرارعصبة الأمم في أيلول 1924 م ، وأحد الشخصيات التركمانية العراقية التي رفعت راية النضال الوطني و القومي ضدالأنكليز مع دخولهم كركوك 1918 م .
4. ابراهيم بك نفطﭼﻲ زاده ، النائب عن كركوك عام 1953 والوجه الإجتماعي المعروف محليا ً و عشائريا ً صاحب السطوة و النفود و أليه يعود الفضل الكبير في فض الكثير من الخلافات العشائرية و العائلية المتواجدة يومها على ساحة كركوك و ضواحيها تشهد بها ديوانيته المشهورة الموجودة آثارها ليومنا هذا الى جانب الجامع المسمى بأسمه(ابراهيم بك).
5. حسين بك نفطﭼﻲ زاده ، الوجه الأجتماعي المعروف محلياً والناشط التركماني الذي قارع الأحتلال البريطاني للعراق ومدينتهم كركوك عام 1918 م و 1920 م ليزج في السجن أكثر منمرة لموقفه الوطني و القومي الصلب.
6. الشهيد قاسم بك نفطﭼﻲ زاده ، الوجيه و الناشط التركماني المعروف محليا ً و عشائريا ً، والذي أغتالتهُ الأيادي السوداء القذرة مع الساعات الأولى لمجزرة كركوك الرهيبة في 14 تموز 1959 م ، ووُريَ الثرى في مقبرة الشهداء التركمان في منطقة أحمد آغا.
7. غازي بك نفطﭼﻲ زاده، الضابط في الجيش العراقي معأربعينات القرن الماضي والذي كان لهُ شرف المساهمة الفعالة في معارك فلسطين عام 1948 م بمُعية القائد العسكري العراقي المعروف ذو الأصول التركمانية اللواء مصطفى راغب باشا صاري كهية وكان أحد الوجهاء المعروفين على مستوى مدينة كركوك.
8. المناضلة التركمانية ﮊاله النفطﮁﻲ زاده ،عضوة مجلس النواب العراقي السابق وعضوة مجلس محافظة كركوك السابق ورئيسة حزب الإرادة التركمانية حالياً وهي تترأس كذلك الهيئة الإدارية لجمعية الرهف الخيرية و اليها يعودالفضل الى جانب زملائها الآخرين في تثبيت هوية كركوك التركمانية في المحافل المحلية والإقليمية و الدولية. وهي ناشطة سياسية كذلك في مجال العمل النسوي التركمانيوالمجال الخيري منذ سقوط النظام البائد في 9 / 4/ 2003 و ليومنا هذا.
9. الكاتبة التركمانية المعروفة نرمين نفطﭼﻲ زاده، ودورهاالمشهود في نهضة الثقافة التركمانية منتصف القرن الماضي علما ً أنها تقلدت منصب وزير الثقافة التركية في حكومة السيد سعدي أيرماق.
10. ولا ننسى الدور القومي و الوطني الذي أضطلع به وجهاءآل نفطﭼﻲ زاده (سامي بك – أسماعيل آغا – محمد آغا ) بتصديهم للمحتل الأنكليزي عام 1918 م.