قانون الانتخابات الجديد يضع مكاسب تظاهرات العراق في مهب الريح

قر البرلمان العراقي، الثلاثاء 24 ديسمبر (كانون الأول)، قانون الانتخابات التشريعية الجديد، على الرغم من اعتراض الكتل الكردية وانشقاق المحتجين بين مؤيد ومعارض، فيما يرى خبراء أن القانون الجديد سيقضي على هيمنة الكتل البرلمانية الكبيرة، ولفتوا إلى أن أمام الشباب تحد كبير، وعليهم البدء في تنظيم أنفسهم سياسياً للمنافسة في الانتخابية المقبلة.

مطالبات غير متضمنة

لم يتضمن القانون مطالبات عدة خرجت من ساحات الاحتجاج، من ضمنها منع ترشيح الأحزاب التي تمتلك أجنحة مسلحة، ومزدوجي الجنسية، فضلاً عن عدم تقسم الدوائر الانتخابية إلى دائرة لكل 100 ألف نسمة، حيث يمثل نائب واحد كل دائرة انتخابية.

وخرجت تظاهرات في محافظات عدة تعبِّر عن رفضها القانون الجديد، عبر مسيرات حاشدة مطالبة بقانون التمثيل المباشر وحسب الكثافة السكانية.

وعلى الرغم من الاعتراضات، لم تكن هناك رؤية موحدة لشكل القانون الذي يريده المحتجون، وفيما يرى ناشطون أن القانون الجديد لا يرقى إلى مستوى الطموح، وصفوه بأنه مقبول ويتناسب إلى حد ما مع متطلبات المرحلة.

القانون الجديد يتضمن تقسيم المحافظات العراقية إلى أكثر من دائرة انتخابية يطلق عليها “القضاء” وهو تقسيم إداري داخل المدن، ويتمخض عن كل قضاء عدد من النواب بنسبة نائب لكل 100 ألف نسمة، فضلاً عن إلغاء القوائم واعتماد الترشيح الفردي، ما عده مختصون إعطاء فرصة للمستقلين للتنافس.

قانون ينهي التوافقية

ويرى قانونيون أن القانون الانتخابي الجديد سيعطي فرصة التنافس بين مختلف الفئات الاجتماعية ويقلل من فرص هيمنة الأحزاب السياسية الكبيرة على البرلمان، مشيرين إلى أن الدوائر المتعددة ستؤدي إلى وصول ممثلين حقيقيين عن الشعب العراقي.

وقال الاختصاصي القانوني علي التميمي، إن “القانون الجديد سينهي التوافقية ويأتي بممثلين حقيقيين عن الشعب بواسطة الدوائر المتعددة”، وأضاف لـ”اندبندنت عربية” “سيقضي القانون على هيمنة الكتل الكبيرة التي لم تفلح سياسياً ويأتي بنواب من الكفاءات”.

وأشار إلى أن “القانون الانتخابي الحالي بالإضافة إلى قانون المفوضية سيؤدي إلى سهولة إعلان النتائج وحسمها”.

وعلى الرغم من مزايا القانون الجديد، يرى خبراء أن لا قيمة للقانون وحده من دون تنظيم شباب الاحتجاج أنفسهم في سياق الدخول على خط المنافسة الانتخابية، في حين لفتوا إلى أن تصغير الدوائر الانتخابية يعطي فرصة تنافس كبيرة للمستقلين.

وقال الخبير الانتخابي مزهر الساعدي، إن “القانون الجديد يقلص نفوذ الأحزاب، ويسمح للمستقلين بالوصول إلى مجلس النواب”، مشيراً إلى أن “القانون الحالي الأقرب إلى تصورات المحتجين والمرجعية”.

وأضاف الساعدي “تصغير الدوائر الانتخابية سيؤدي إلى إتاحة فرصة أكبر للمستقلين من خلال تقليل مصروفات الدعاية الانتخابية للأفراد”، موضحاً أن “تنظيم الشباب والمستقلين أنفسهم سيتيح لهم التنافس الحقيقي مع الأحزاب السياسية”، مبيناً أن “أمام الشباب تحدٍ كبير، وعليهم البدء بالتنظيم منذ الآن”.

ويوضح أن “لا عذر للمستقلين بعد الآن، هذا قانون انتخابات فردي وعليهم تنظيم صفوفهم وتحديد خياراتهم”.

ولفت إلى أن “القانون الجديد قطع ذرائع ترشيح المستقلين ضمن القوائم الحزبية، وأتاح لهم فرصة الوصول إلى البرلمان من دون الحاجة إلى قوائم قوية”.

وتابع أنه “لو كانت هناك نوايا صادقة من الجهات التنظيمية فإن ستة أشهر ستكون كفيلة بإجراء انتخابات مبكرة ضمن القانون الجديد”.

انتخابات “متأخرة”

ويستبعد خبراء أن يؤدي القانون الجديد إلى إجراء انتخابات مبكرة، مبينين أن تعقيد احتساب الدوائر الانتخابية وحل دوائر المفوضية السابقة من الإشكالات التي ستعرقل تلك المهمة.

في المقابل، يقول الاختصاصي الانتخابي عباس الشريفي، إن “الإشكالات الفنية في معظمها هي في تحديد الدوائر الانتخابية، حيث إن هناك إشكالات عديدة فيما يتعلق باحتساب الأقضية كدوائر انتخابية”، مشيراً إلى أن “متغيرات عديدة حصلت على الأقضية بعد 2003 ولم تطلع عليها وزارة التخطيط”.

واستبعد الشريفي أن يسمح القانون الجديد بعقد انتخابات مبكرة، لافتاً إلى أنه “لا يمكن في ظل هذا القانون وتفتيت دوائر المفوضية السابقة إجراء الانتخابات قبل سنة من الآن”.

وعن الإشكالات التنظيمية في القانون، أوضح أن “هناك أقضية فيها أقل من 100 ألف نسمة، وهذا يعالجه القانون في دمجه مع القضاء الأقرب له، وسيؤدي إلى خسارة أصوات الأقليات وتمثيل تلك الأقضية الصغيرة وضياع أصواتها”.

وعن إمكانية وصول المستقلين إلى البرلمان المقبل، بيّن الشريفي أن “4 عوامل تسهم في وصول المستقلين إلى البرلمان المقبل، وهي تشكيل حزبي واسع يجمع كل المستقلين، إلى جانب مشاركة واسعة ووعي انتخابي وعملية انتخابية نزيهة”.

وقال الناشط علي المياح إن “قانون الانتخابات الجديد لا يرقى إلى مستوى طموحاتنا، لكنه مع ذلك، مقبول ويتناسب إلى حد ما مع متطلبات المرحلة قياساً بالقانون الانتخابي السابق المصمم لترسيخ وجود القوى السياسية الحالية”.

وأوضح أنه “لا يمكن القول إن الساحات مجمعة على قانون معين، لكن الجو العام في ساحات الاحتجاج مع قانون انتخابي مبني على أساس الكثافة السكانية، حيث لكل 100 ألف نسمة مقعد ولكل مقعد دائرة انتخابية واحدة”.

وشدد على ضرورة أن “يكون هناك حراك باتجاه بلورة رؤى ساحات الاحتجاج لإفراز كيانات سياسية تمثل النفس المحتج”، مبيناً أنه “حتى الآن لم يحدث شيء من هذا القبيل”.