لمناسبة الذكرى الاربعين ليوم الشهيد التركماني 16 كانون الثاني أبطال عظام كنجوم لامعة تتلألأ في سماء التركمان

لمناسبة الذكرى الاربعين ليوم الشهيد التركماني 16 كانون الثاني أبطال عظام كنجوم لامعة تتلألأ في سماء التركمان

عباس احمد

إننا اذ نستذكر القادة في الذكرى الاربعي لاستشهادهم فاننا نؤكد بان مدينتنا العزيزة كركوك هي مدينة الشهداء والأبطال . فقد قدمت كركوك وقدم الشعب التركماني النبيل على مدى تاريخهم الطويل في العراق وكركوك بالذات منذ أكثر من ستة آلاف وخمسمائة سنة من ألان , أقول قدم شهداء خالدين وأبطال عظام ومناضلين أفذاذ امنوا بقوميتهم وجاهدوا من اجل أن ينال التركمان حريتهم الكاملة .
ان قافلة الشهداء التركمان وانهار الدماء الزكية لم تتوقف يوما عن المسير عند الذين اسلموا ارواحهم للباري عز وجل على طريق التضحيات والفداء في سبيل خدمة الشعب التركماني في قضيته القومية العادلة لا قبل مجزرة كركوك في تموز عام 1959 ولا بعده وان مسيرة القافلة الخالدة مستمرة على مر العقود العديدة من الزمن الماضي والاتي , لان الارض التركمانية الطيبة التي ارتوت وما زالت ترتوي بدماء ابطالها وان الشهادة على طريق الحق لدى التركمان اصبحت شيئا مالوفا لاحساس الجميع انها واجب رباني على مذبح الحرية .
ان الشهداء التركمان ( رحمهم الله واواهم في جنانه ) جميعا كانوا يعلمون جيدا ويؤمنون بان القومية بمجمل معانيها تعني الحب العميق للشعب التركماني وتؤكد الفخر والاعتزاز بالانتماء الى هذا الشعب الاصيل , وكذلك الحفاظ على اللغة التركمانية التي هي من المقومات الاساسية للقومية والتركيز على خدمة ورعاية العائلة التركمانية التي هي عبارة عن خلية صغيرة للمجتمع ويتكون من مجموعها الشعب التركماني النبيل .
واذا كان للانسان توجهات وافكار في اغناء وخدمة الانسانية جمعاء , فعليه اولا ان يخدم وطنه وشعبه ويحاول الرقي بهما وقيادتهما للوصول الى هدف تحقيق الحقوق والحريات ونيل المطالب القومية العادلة والقانونية المشروعة في مختلف مجالات الحياة الانسانية .
وعلى هذا الاساس فان بحر دماء الشهداء التركمان كان دوما وعبر مسار الزمن ترفده انهارا وروافد كثيرة ( دماء وارواح الشهداء من القادة والشباب الذين يلتحقون بالقافلة تباعا ) , وعلى هذا الاساس وهذا الطريق قدم الشعب التركماني نجوما لامعة اخرى من خيرة ابنائه ومنهم اربعة من كبار قادة التركمان في العراق , وهؤلاء القادة هم من خيرة ما انجب التركمان في قائمة الابطال على مدى التاريخ , ليلتحقوا باخوانهم الشهداء الذين سبقوهم ويكونوا في استقبال الشهداء الجدد في جنات الخلد عند الباري عز وجل وعلى سبيل المثال لا الحصر :- فاتح شاكر ــــ كريم الله ويردي ــــ المهندس جليل عمر – مالك حميد ـ حسين علي موسى (تمبل عباس ) ــ خالد شنكول ـ عطا خير الله ــ صلاح ترزي ــ صباح نورالدين كونياجي ـ وغيرهم .
لذا فان قوائم السجون و الاعتقالات و التصفية والإعدامات للشعب التركماني شملتهم جميعا دون النظر الى أسباب أخرى , السبب الرئيسي والوحيد و التهمة الجاهزة دوما هي بأنهم تركمان .
ففي اذار من عام 1979 عصفت ريح الاعتقالات صوب عدد اخر من القادة و الوجهاء و الشخصيات التركمانية المعروفة لتقبع في دهاليز السجون المظلمة .
حيث تم اعتقال الزعيم (العميد ) المتقاعد عبدالله عبد الرحمن الشخصية التركمانية الحكيمة المعروفة و رئيس نادي الاخاء التركماني في بغداد انذاك و كذلك تم اعتقال المناضل الدكتور المهندس نجدت نور الدين قوجاق الاستاذ في كلية الهندسة في جامعة بغداد , و قد رافقهم في الاعتقال و دخول اقبية السجون و الزنزانات كل من الدكتور رضا ده مرجي و رجل الاعمال التركماني السيد عادل شريف .
و لمدة زادت عن ستة اشهر بكثير لم يتمكن أي شخص من اصدقائهم بل حتى من عوائلهم و معارفهم من الحصول على معلومات و معرفة مكان اعتقالهم ناهيك عن التهم الموجهة اليهم .
وكان الشهداء طوال مدة الاعتقال يتعرضون يوميا الى صنوف عدة من التعذيب النفسي قبل الجسدي دون ان يحيدوا قيد انملة عن طريقهم او يبيعوا قضية شعبهم التركماني , فيما كانت عوائلهم و اصدقاؤهم بل و كافة ابناء الشعب التركماني يعيشون اياما حالكة السواد و قلقا كبيرا خوفا على مصيرهم المجهول .
و بعد مدة زمنية بدت كأنها دهور ( وليتها كانت كذلك ) جاء الخبر ليقع كمطرقة حديدية هائلة على رؤوس العوائل المفجوعة , حيث تم اخبار عوائل المعتقلين الشهداء الاربعة اعلاه بامكان مقابلتهم و رؤيتهم للمرة الاولى و التي هي الاخيرة ,وذلك لانه سيتم اعدامهم بموجب قرار ظالم صدر من محكمة الثورة انذاك .
و في يوم 16/ كانون الثاني عام 1980 تسامت ارواح عبدالله عبد الرحمن و نجدت قوجاق و رضا ده مرجي و عادل شريف الى عليين ليدون سجل شهداء الشعب التركماني اسماء هؤلاء الشهداء النجوم في صفحته بمداد من نور ليلحقوا باخوانهم الشهداء الذين سبقوهم .
و لنختر اليوم شهيد كركوك و التركمان الدكتور نجدت قوجاق لندون سطورا قليلة بحقه كتبها الاستاذ المعروف محمود العدل .
الشهيد الدكتور المهندس نجدت قوجاق الذي ابصر نور حبيبته مدينة كركوك في عام 1939 و انهى الدراسة الابتدائية و المتوسطة و الثانوية في مدارس كركوك واكمل الدراسة الجامعية في كلية الزراعة جامعة انقرة , ثم اكمل دراسته العليا من الماجستير و الدكتوراه في قسم الهندسة الميكانيكية عام 1969 ثم لم يتوان في ان يعود للعراق وينقل العلم والهندسة التي درسها الى شباب بلاده من بلاده من طلاب جامعة بغداد التي عمل فيها استاذا للهندسة الميكانيكية ورئيسا لنفس القسم .
كما حصل الشهيد على درجة استاذ مساعد عام 1976 ومنح جائزة الدولة التقديرية لكفائته العلمية والبحثية لخدمة العراق والبحث العلمي العراقي .
والمدرسة كانت حلما من احلام الدكتور الشهيد نجدت قوجاق وهي ( أي المدرسة ) احدى المشاريع الكبرى والذي عاش حياته يحلم بها وهي ضمن المشاريع الخمسة في فكر الشهيد ( المزرعة – المدرسة – المستشفى – الصحيفة – دار النشر ) كما ذكرها الكاتب الكبير الدكتور ارشد الهرمزي في مقال بعنوان ” ذوي الاردية الزرقاء ” والذي سطر كلماته في المقال بقلبه قبل قلمه.
والمشاريع الخمسة او الاحلام الخمسة للشهيد قوجاق كانت اولها
المزرعة:- التي تنبت الزرع والكلا والتي تؤمن للانسان غذاءه وقوت يومه ليعيش مطمئن البال بان الله هو الذي سيرزقه طعامه وطعام اولاده وابناء قومه .
ثم المشروع الثاني وهو المدرسة .
المدرسة :- التي تبني الاجيال , الصرح العلمي والتعليمي الذي يبني العقل ويقومه ويهذب النفوس ويجعلها صالحة للحياة والتطور .
المدرسة التي تغرس في النفس الانسانية قيمة العقل والعلم والفكر , وتظهر مواطن القوة والضعف داخل الانسان الفرد ليتعرف على الضعف من اجل اصلاحه وتقويته ويتعرف على القوة لادامتها وتنميتها على طريق خدمة الشعب التركماني وقضيته .
وثالث هذه المشاريع والاحلام هو المستشفى الذي يخدم الانسان وبدنه وتقيه من الامراض والعلل ويحافظ على صحة الانسان التركماني لينعم بحياة صحية جيدة وتنشئة جيل تركماني قوي فكريا وبدنيا .
ورابع المشاريع الصحيفة :- التي هي غذاء العقل والروح.
وخامس الاحلام دار النشر:- لنشر وتوزيع المعلومة والفكر النير.
ويتضح من هذا الاختيار وهذه المشاريع , ان الدكتور الشهيد قد سبق عصره بعشرات السنين ونفذت بصيرته الى التطور البشري قبل ان يحدث , فالصحيفة ودار النشر هي الاداة والوسيلة التي تمدنا بالمعلومات والاخبار والقيم الفكرية وغذاء العقل ومن خلالها نعرف الاحداث التاريخية والافكار والفلسفات وغيرها مما سيكون سبيلا لنمو وتطور وتقدم الشعب التركماني .
ان تلك المشاريع في فكر الدكتور الشهيد كانت بلا ادنى شك وحقيقة نعم المشاريع التي يجب على التركمان ان يكملوها ويسيرون بها باحسن ما يمكن للسير على نهج الشهيد في خدمة القضية التركمانية .
لقد كانت تلك المشاريع الخمسة هي حلم الدكتور الشهيد الذي عاش واستشهد وهو يناضل ويجاهد في سبيل اعلاء كلمة الحق التركماني بكل اخلاص وامانة ووفاء .
ثم عن ماذا نتكلم في سيرة الشهيد ؟.
عن الوصية النصيحة التي قالها قبل اعدامه بيوم واحد لاهله ولاسرته ومن خلالهم الى التركمان جميعا :-
(( ان الاشجار تخضر وتكثر فروعها كلما تقلم وتشذب….
وها انا افارقكم واملي ان لا تتركوا قضيتنا العادلة التي نناضل من اجلها .
واستمروا في الكفاح .
وانني الان بصدد الرحيل من هذه الدنيا الفانية وفي حالة اطمئنان وراحة نفسية اكثر مما كنت عليه من قبل.
ان روحي ستصعد الى السماء لتلاقي رب العالمين امنة مطمئنة )).
نعم يا استاذنا الجليل ويا ملهم الاجيال التركمانية المتعاقبة , ان نفسك لقيت ربها امنة مطمئنة .
فهنيئا لك جنة الخلد
وهنيئا لك منزلة الصديقين والشهداء
ونحن على نفس الطريق
وسيظل التركمان شعبا حيا لا يموت
وسيشهد التاريخ .