ما مصير التركمان في عراق الغد ؟

ما مصير التركمان في عراق الغد ؟

أياد يولجو

ان أي مجتمع يدافع عن حقوقه وهويته يقوم في أبسط الأمور برسم استراتيجيات مستقبلية لتحقيق ذلك الدفاع، وهذه ما قامت بها الأمم منذ بدء الأرض ونراهم يقطفون الثمار ما خططت لها في مستقبل أجيالهم، والمستقبل هو مسار أي أمة تبحث عن استقرارها وضمان حقوقها، وتجاهله أو اهماله يدل على فقدان المسار وتهاون في مصير تلك الأمة. ولكن الشعب التركماني تسير في مسار وعر قد ينصدم بصخور ومطبات قوية تعيق مسيره لسبب مهم ونحن بصدد مناقشته هنا، وقبل أن ندخل في الصميم لنصغي الى الأسئلة التي تدندن في قلب كل فرد تركماني عراقي: ما مصير نحن التركمان في الغد وأين موقعنا في المستقبل ؟! وأين رسم استراتيجيات تركمانية التي تتحكم في محطات المستقبل اذا احتيج اليها.؟ أين التركمان من التخطيط المنظم والمتابعة الذكية وتحديد الوسائل للمواجهة في حالة الحاجة اليها؟ كان من المفترض ان يتم رسم خطة مناسبة للمواجهة الاعلامية بشكل سري غير معلن حتى لا يعطى المقابل مبررا لاستخدامها ضدنا ولمصلحته. ان مثل هذه القرارات والمواقف تتخذ في الغالب بشكل غير معلن ويجلب الرأي العام التركماني المتخصص في دوائر الاعلام العراقي والعالمي للاسهام في تحديد المنهج الملائم لمثل هذه الخطة المصيرية على المستوى الاعلامي. ومن الجوانب المهمة التي لم تستثمر من الشعب التركماني هو وجود العديد من المؤسسات الغربية التي يمكن استغلالها لخدمة القضية التركمانية. بل والأهم من هذا هو وجود العديد من الشخصيات التركمانية التي تعيش في الغرب ولديها القدرة والخبرة مما يمكنها من أداء دور فاعل في تنفيذ الخطة الاعلامية في الغرب. ومن عناصر الأزمة التي أحسسنا بها في هذه الأيام ذلك الافتراق الكبير بين السياسة والاعلام. ولا أدل على ذلك من تصريحات المسؤولين والإعلاميين التركمان!! والمعروف ان الاعلام هو سياج مهم وحيوي للجانب السياسي ولا غنى له عنه. والاعلام هو أرضية لاحداث فروق كثيرة في الساحة السياسية وتغييرات في الرأي العام. الا ان الشعب التركماني الذي لم يتمكن من توحيد قراراته وأهدافه ومواقفه على المستوى السياسي، لم يتمكن من توحيد خطابه الاعلامي أو حتى الاعداد لأي خطة للمتابعة والمواجهة بشكل يتناسب مع حجم المشكلة والخطر. ونحن نعلم جميعا ان ما يحدث لاخواننا في كركوك والمناطق التركمانية الأخرى هو ما يحدث لكل التركمان في العالم، ومواجهة الاعتداء الأحزاب العنصرية العميلة هو حماية للعراق. وربما يقول البعض ان العنصرية العميلة قوية بالدعم الأمريكي والصهيوني وهذا صحيح، الا انها ليست أكثر قوة من عزائمنا ولا اكثر عددا من بقية الباقية من الشعب العراقي، وليس لديها قضية عادلة تطالب بها سوى إستغلال الظروف الراهنة وتنفيذ مخططات الدول الحاقدة على العراق والمداومة عليه. أما نحن التركمان: لدينا قضية عادلة تاريخيا وجغرافيا واجتماعيا وثقافيا، لدينا صور وطنية لا يمكن أن يمحوها الزمن، لدينا قرار سياسي ثابت مناسب وطنيا، لدينا مواقف عديدة تحمد عليها ، ولدينا الكثير والكثير، والمطلوب هو:

ـ توحيد الصف التركماني الوطني في المواقف على الأقل. ـ رسم خطة اعلامية حقيقية بعيدة عن البيروقراطية والانفعال والعاطفة وترتبط بالمسار السياسي الذي تتوفر لديه معلومات مهمة في تنفيذ الخطة وتوجيهها بشكل صحيح. ـ استنفار المجتمعات التركمانية لتقديم ما تستطيعه من دعم ومساندة معنوية ومادية وغيرها. ـ فهم الخطاب السياسي للطامعين في مناطقنا، ودراسة ملامحه في داخل الوطن وخارجه ومتابعته بشكل جاد عبر المؤسسات والاستمرار في ذلك. ـ فهم التخطيط الإعلامي للأحداث وقراءتها بشكل ذكي وفاعل لتوجيه خطط المواجهة نحو مساراتها الصحيحة. ـ استخدام كافة الثغرات التي يتسبب فيها الطامع اثناء القيام بجرائمه بشكل عاجل لاحباط مخططاته. ـ الكشف عن حقائق المفاهيم الخاطئة التي تروج لها الإعلام الطامعين والعملاء وتصحيحها بأسلوب يخترق المجال العالمي الاجتماعي العام. ـ الاعتراف بأن الحل لقضايانا يكمن في بلادنا وقوتنا ومبادئنا وليس في الدول التي هي منشأ المشكلة أو في استمراره.. ان ما يحدث اليوم في الساحة العراقية عامة والتركمانية خاصة مؤلم حقا خاصة ما يتعلق بالتخبط واليأس والاحباط. وهذا بلا شك هو جواب نهائي للامتحان الذي رسبنا فيه وهو عدم استقرائنا المستقبل وغياب الخطط المناسبة والمتابعة المطلوبة لمواجهة الأعداء والطامعين والعملاء واتكالنا على ردود الفعل وضخ الجهد عند حدوث المشكلة دون سياسة واضحة أو معلومات كافية. الاعلام مهم للسياسة، والمستقبل مهم لصالح أي أمة، ورد الفعل هو موقف الضعيف، والتخطيط والمتابعة هما أساس نجاح أي عمل. وأعتقد ان ما يحدث اليوم على أرض كركوك والعراق عامة كفيل بتوحيد المواقف والوعي بالمسؤولية وتجاوز مراحل الدعاية الجوفاء والقرارات الفارغة والاتجاه نحو التخطيط وتوحيد المواقف والنظرة بخبرة وعمق في مسارات الاعلام لمواجهة التحدي المعادي الذي خدمه التخطيط والمتابعة وعدم القبول بما هو ضد أهدافهم ومبادئهم مهما كان الثمن وحتى لو كان صغيرا.